من الأعلى إلى الأسفل ثمة أفكار أخرى سائدة حول طريقة عمل الدماغ. إذ ترى “نظرية الأنماط الإدراكية” التي وضعها ستيفين كوسلين من جامعة هارفارد أن طريقة تفكيرنا تتحدد بما إذا كانت أدمغتنا أمامية أم خلفية (مخطط صفحة 37). جدير بالذكر أن الأجزاء العلوية من أدمغتنا مسؤولة عن إعداد وتنفيذ المخططات وإعادة النظر فيها إذا سارت بشكل خاطئ. أما الأجزاء السفلية فهي مسؤولة في معظمها عن معالجة مُدخلات الحواس وتصنيف الأشياء والوقائع وإضفاء معنى عليها. ويقول كوسلين إننا جميعا نستخدم كل أجزاء أدمغتنا طوال الوقت، لكن هناك من يعتمد أكثر على الأنظمة الدماغية العلوية أو السفلية بعض الشيء، ويؤثر هذا بالتبعية على سلوكياتنا. فالشخص الذي تهيمن الأنظمة الدماغية العلوية على دماغه سيكون أكثر إبداعا وأكثر ميلا إلى المغامرة، لكنه يصبح غير كفء أحيانا لأنه لا يُحدث خططه بناء على الظروف الراهنة. في المقابل، يفكر الشخص الذي تهيمن الأنظمة الدماغية السفلية على دماغه كثيرا في تفاصيل خططه، لكنه أقل ميلا لبَدء المشاريع والمخططات المعقدة. مع ذلك، يفترض أندرسون أن شخصياتنا تتكوّن على الأرجح من الطريقة التي تتصل بها الأنظمة الدماغية المختلفة ومدى ثراء الروابط بينها. فعلى سبيل المثال، غالبا ما يتأثر الأشخاص المنفتحون على خوض تجارب جديدة للغاية (وتنتابهم القشعريرة) عند مراقبتهم لغروب بديع للشمس. ويُظهر التصوير العصبي للدماغ أن لدى هؤلاء الأشخاص روابط كثيرة بين الأجزاء المسؤولة عن معالجة المعلومات الحسيّة والأجزاء المسؤولة عن الوجدان أو الضمير.