أثار اكتشاف متغير أوميكرون دهشة وقلق العلماء بسبب العدد الكبير من الطفرات التي يحتوي عليها، والتي تساعده في الانتشار بسرعة كبيرة بين البشر، مما دفعهم في البحث عن أصل هذا المتغير الجديد.
وأكد الباحثون أن هذا المتغير الجديد تطور من سلالة لفيروس كورونا كانت تنتشر في منتصف عام 2020، لكنها اختفت على مدار أكثر من عام ونصف، بحسب تقرير لموقع “NPR“.
وقال الأستاذ في مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان في سياتل تريفور بيدفورد إن المتغير الجديد لا يرتبط بأي سلالة انتشرت مؤخرا.
وانتشر المتحور الجديد، الذي اكتشف في جنوب أفريقيا الأسبوع الماضي، في كل القارات، من كندا إلى إيطاليا مرورا باليابان وألمانيا وإسبانيا والبرتغال والمملكة المتحدة.
ودفع ذلك العديد من الدول إلى تعليق الرحلات مع جنوب أفريقيا ودول أخرى في جنوب القارة وفرض تدابير وقائية، ونصحت أكثر البلدان تزودا باللقاحات سكانها على الحصول على جرعة ثالثة.
وتعتبر منظمة الصحة العالمية أن احتمال انتشار أوميكرون في العالم “مرتفع”، وتقر بأن معلومات كثيرة ما زالت مجهولة عنها مثل شدة العدوى وفعالية اللقاحات الموجودة ضدها وشدة الأعراض.
وطرح بيدفورد ثلاث فرضيات لأصل المتحور الجديد،
أولها: أن السلالة التي انتشرت في منتصف العام الماضي يمكن أن تكون قد أصابت بعض الحيوانات، وتطورت مع انتشارها بين هذه الحيوانات ثم انتقلت مؤخرا إلى البشر في صورة المتحور الجديد.
لكنه مع ذلك لا يعتقد بشكل كبير بصحة هذه الفرضية، مؤكدا أنها لو صحيحية لوجدنا جينات حيوانية في جينوم الفيروس.
أما الفرضية الثانية، كما يقول بيدفورد، هي أن سلالة منتصف عام 2020 بدأت في الانتشار في مكان لم يكن فيه الكثير من المراقبة، ربما في مكان ما في جنوب إفريقيا، ومع مرور الوقت أصبحت تمتلك طفرات كافية للانتقال بسرعة بين البشر.
لكنه يجد أيضا صعوبة في تصديق هذا السيناريو، الذي يشير إليه العلماء أحيانا باسم “الانتشار الخفي”؛ لأنه تم اكتشاف غيرها من السلالات خلال الفترة الماضية.
من جانبه، يتفق ريتشارد ليسيلز، متخصص في الأمراض المعدية بجامعة كوازولو ناتال في ديربان في جنوب إفريقيا، وهو جزء من الفريق الذي حدد أوميكرون، مع هذه الافتراضية.
وأكد أنه في الكثير من البلدان الأفريقية لم يكن هناك الكثير من أخذ عينات الفيروس التاجي المستمر. وأوضح: “في وقت سابق من جائحة الفيروس التاجي، التقطت مختبرات جنوب إفريقيا متغيرا لم يكتشف من قبل من خلال اختبار لمسافر من تنزانيا”.
أما الفرضية الثالثة، فترجح أن الفيروس كان يختبئ ويتطور داخل جسم إنسان يعاني من نقص المناعة.
وقال بيدفورد إن الجهاز المناعي قوي بما يكفي لمنع الفيروس التاجي من قتل الشخص، لكنه ليس قويا بما يكفي للتخلص من الفيروس تماما، لذلك يبقى الفيروس داخل الشخص شهرا بعد شهر، ويتكاثر باستمرار.
ويضيف “مع كل تكاثر، هناك احتمال أن يكتسب طفرة تجعله أفضل في التهرب من الخلايا المناعية المنتجة للأجسام المضادة”.
وتابع: “وهكذا على مدار العام، إذا نظرت إلى هؤلاء الأفراد، سترى في النهاية فيروس متطور تماما”.
ويحتوي متغير أوميكرون على 32 طفرة منتشرة على ثلاث شوكات رئيسية من البروتين الشائك الخاص بالفيروس والذي يستخدمه للوصول للخلايا البشرية.
وتستهدف الأجسام المضادة الموجودة في جسم الإنسان جراء الحصول على اللقاحات أو العدوى السابقة بروتينات الفيروس الذي يغزو جسم الإنسان لصده.
وتغير الطفرات الموجودة في الفيروس، حمض أميني إلى آخر بطريقة يمكن أن تغير بنية البروتين أو تركيبته الكيميائية وتمنع الأجسام المضادة من الارتباط بها وصد الفيروس كما تفعل عادة.
بغض النظر عن أصول أوميكرون، يؤكد كل من بيدفورد وليسيلز أن ظهوره هو تذكير آخر بأن المتغيرات المستقبلية الخطيرة يمكن أن تنشأ عن طريق طفرة الفيروس في شخص يعاني من نقص المناعة.
وقال العالمان إن الهدف ليس إلقاء اللوم على الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة، ولكن الاعتراف بأن مساعدتهم هي مفتاح القضاء على جائحة كورونا.